
الكورباج
كانت فترة المدنية واحدة من اسوا الفترات التى انتشرت فيها الامراض والعلل والاوبئة الوطنية القاتلة، الى جانب تفشي العديد من الظواهر السلبية التي اثرت على المجتمع بشكل عميق وافرزت ظاهرة الحرب والمتعاونين وخيانات الجيران وغيرها من الظواهر الغريبة على المجتمع السوداني ، ويعود السبب فى ذلك الى ضعف الاجهزة النظامية وتراجع دورها في ضبط المجتمع، فالاجهزة النظامية تقع ضحية للالة الاعلامية الطاغية التى تحاول تصوير المدنية بالقوة الجبارة التى تسحق من يقف فى طريقها، فكانت جرائم النهب المعروفة بتسعة طويلة وارتفاع معدلات الاغتصاب والانحرافات الاخلاقية وتحول ساحة برج الاتصالات فى شارع النيل الى ساحة لاتقل مكانة عن شارع جهنم فى بانكوك حيث الدعارة واللواط والسحاق والتفكك الاجتماعي بشكل غير مسبوق، واننا نتحدث فى هذه المساحة بصراحة لان التغطية واخفاء الحقائق هما اللذان اديا بنا الى هذه الاوضاع اللعينه،فوجودالاجهزة النظامية التى لايخشى قادتها وافرادها فى الله لومة لائم على غرار اجهزة دول الجوار التي تتمتع بالحزم والقدرة على فرض النظام دون تردد، ضرورة تمليها تحديات التعافى من اثار الحرب، فالامن القوي هو صمام امان المجتمع ويتطلب ذلك الا يكون رهينة للاجراءات البيروقراطية التى تعيق سرعة تصرف رجال الامن فى مواجهة التهديدات، على سبيل المثال فى يوغندا يتمتع رجال الشرطة بسلطة التعامل الحاسم مع الخارجين عن القانون، وقد شاهدت بنفسى احد افراد الشرطة اليوغندية يطلق النار على اثنين من شباب دولة جنوب السودان بعد ان حاولا خطف هاتف امرأة، ما يعكس الجدية في التعامل مع الجرائم التي تهدد امن المواطن ،وفى اثيوبيا ينظر المواطن الى افراد الاجهزة النظامية باحترام بالغ، حيث لا يجرؤ على التعامل معهم باستخفاف او استحقار او التحدث عنهم بسوء او الهتاف ورفع الشعارات المناوئية ضدهم ، فهناك التزام صارم بالقانون والقانون يُعلى ولا يُعلى عليه، فهذه النماذج تعكس اهمية وجود قوات نظامية لا تتهاون في اداء واجبها، لاسيما وان افراد المجتمع اعداء انفسهم ومنح هذه الاجهزة النظامية الصلاحيات الكافية للتعامل الفوري مع الجريمة يضمن الالتزام بالضوابط القانونية التي تحفظ حقوق الافراد، وتمنعهم من ايذاء انفسهم، فليس الهدف من هذا المقال التحريض على القسوة والتجاوز، وانما المطالبة بتحقيق الردع الكافي للحفاظ على الامن، وجعل المجرمين يفكرون الف مرة قبل الاقدام على ارتكاب الافعال التى تهدد المجتمع، ان الامن ليس ترف بل هو اساس الازدهار لذلك فان تعزيز سلطة الاجهزة النظامية وتقويتها بالدستور والتشريعات الخاصة وحماية افرادها وتحمل مسؤولية تصرفاتهم امر لابد منه فى سبيل استقرار الدولة.






