
زيارة ترامب للمنطقة سيكون لها انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية ليس في الشرق الأوسط وحسب بل يمتد لشمال إفريقية وشرقها خاصة الأزمة السودانية والليبية باعتبار الامارات والعربية السعودية اهم اللاعبين في هذه الأزمات من خلال التصريحات أو الإشارات التي أظهرها يبدو بأنه سيمنحهم مزيد الأدوار والصلاحيات لإدارة الملفات الأمنية والسياسية هذا الأمر في حد زاته مقلق لحكومات المنطقة الغير متوافقة مع أبوظبي والرياض ٠
زيارة ترامب حققت أغراضها بالنسبة للولايات المتحدة وضمن من خلالها مليارات الدولارات وضمان امن اسرائيل فيما يتعلق بالتطبيع مع الرياض التي بدورها رهنت التطبيع بإجراءات تتعلق باعتراف بالدولة الفلسطينية على مقاس الاحتلال والراعي الرسمي له خاصة بعد تدمير القوة الصلبة لحزب الله في لبنان ومحاصرته بالقوة اللبنانية المواليه للمشروع الامريكي الخليج قد يبدو للمتابع للشان السياسي والأمني في المنطقة بأن اسرائيل وابوظبي قد نجحوا عسكريآ وامنيا في المنطقة باحداث خلخلات امنية عميقة بالتاكيد لها تأثيرها في صناعة المشهد السياسي في المنطقة في المستقبل القريب لكن هذا النجاح الظاهري والمؤقت في جوهرة فشل استراتيجي للمشروع الصهيو امريكي عربي يقرأ هذا التحليل من خلال المعرفة لطبيعة هذا الشعوب وجوهر عقيدتها السياسية وحساسيتها اتجاه كل ماهو استعماري فهي ترى جوهر صراعها مع هذه القوة صراع عقدي يستمد طاقته من إيمانها الديني وفلسفتها للحياة لذلك لجأت هذه القوى في استخدام بعض دول المنطقة لإدارة هذا الصراع نيابة عنها ٠
بعد فشل الامارات في تحقيق اهداف مشغليها في السودان ستمنح السعودية مزيد من الأدوار في الأزمة السودانية بالتحديد لاعتبارات سياسية وأمنية خاصة بعد إبداء الخرطوم الكثير من التحفظ من الاتجاه شرقا في محاولة منها مغازلة السعودية والغرب هذه الإشارات لم تكن كافية لضغط على الامارات أو إيقاف هذه المشروع لقد افتقدت الخرطوم القدرة الصحيحة لقراءة هذه الأزمة وأبعادها الأمر لا يتعلق بالسعودية أو الامارات ولا تشاد أو دول الجوار التي انخرطت في هذه الحرب المدمرة بل مشروع متكامل رؤية لأحكام السيطرة على المنطقة ككل سياسيا واقتصاديا وامنيا ٠
مهما قدمت الخرطوم من تنازلت فهي بكل تاكيد دون السقوفات التي تطمع فيها الإمبريالية والصهيونية العالمية هذا المشروع لا يقبل بأقل من الاستسلام أو استمرار الأزمة وافتعال الصراعات وانهاك الدولة واسقاطها في الفوضى والتقسيم كما هو الحال في ليبيا ٠ ليس هناك خيارات محددة لمجابهة هذا الصلف غير المقاومة والقدرة على اللعب بالمتناقضات السياسية والأمنية في المنطقة ٠
لذلك يجب على الدولة السودانية وضع علاقاتها مع دول الخليج خاصة السعودية والإمارات في إطارها الصحيح باعتبارهما جزء من الأزمة التي يمر بها بعد سقوط البشير لم تكن أدوارهم بنأة في معالجة الأزمة وأشكالات الانتقال لقد ساهموا بشكل سلبي في تفاقم الأزمة لذلك اي تعاطي مع دول الخليج يجب أن يضمن أولا امن سيادة الدولة السودانية على كافة ترابها ومياها الإقليمية وقرارها السياسي السيادي في معالجة الأزمة وفق رؤية الدولة السودانية.





